ديوان الفلسفة- ابن رشد 03/05/2017
"العلمانية" و "ما بعد العلمانية"
الكتاب : أماني الصيفي و د. رائد وهيبة.
في البداية تم تقديم مقدمة توضح مفهوم العلمانية كما تناوله المفكرون ومن أهم ما جاء في المقدمة:
يستخدم الفيلسوف الألماني يورجن هابرماس مصطلح مجتمع "ما بعد العلمانية" ليصف استمرار وجود تأثير الدين في المجتمعات المعاصرة" . فمفهوم ما بعد العلمانية لا يعني أن الحضارة الإنسانية قد تجاوزت مرحلة العلمانية لتنتقل إلى مرحلة تالية تم فيها التخلي عن الاتجاه العلماني لصالح الدين ولكنها مرحلة إعادة تقييم النظرية التقليدية للعلمانية أو التحول إلى العلمانية في علاقتها مع استمرار وجود ما هو "غيبي" أو بلغة ماكس فيبر ما يسبب "سحر العالم"، إذ تتراجع النظرية عن حتمية تراجع الفكر الديني مع التقدم الخطي للزمان والذي هو تقدم حتمي في اتجاه الفكر العلمي فقط في المجتمعات الحديثة.
ومجتمعات مع بعد العلمانية، وفقا لهابرماس، هي ذاتها المجتمعات الغربية العلمانية الحديثة، مثل مجتمعات أوروبا واستراليا وكند ونيوزلندا التي قد تغيرت فيها علاقة الأفراد بالدين وتراجعت الممارسات الدينية بصورة واضحة في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية فمع "عودة" الوعي الديني في تلك المجتمعات الغربية يضع رؤيته لتصور مجتمع حديث يتشارك فيه كل من المتدينين وغيرهم. يرى هابرماس أنه رغم الاعتقاد الذي كان سائدا في الماضي بأن الأشخاص في المجتمع الحديث سوف يستقون قيمهم من معايير "الوطنية الدستورية ": أي ارتباط الأفراد ارتباطا سياسيا بقيم ومعايير الدستور الديمقراطي الليبرالي المتعدد عوضا عن قيم القومية والدين إلا أن المجتمعات الأوربية في عصر ما بعد الحداثة بسب عدم قدرتها علي إنتاج قيم جديدة من داخلها تعتمد عوضا عن ذلك على تراثها اليهودي _المسيحي كمصدر للأخلاق والأخلاقيات.
فالحداثة، كما يجادل هابرماس، لم تعد تتطلب بالضرورة التقدم نحو التحول للعلمانية كما كان متوقع لها منذ عصر التنوير. و يرى هابرماس أن وجود المهاجرين بثقافتهم الدينية "الإسلامية" المغايرة للثقافة الأوربية وكذلك الهجمات الإرهابية التي ارتكبت باسم الدين قد استدعت الشعور اليهودي_ المسيحي الكامن في الفرد الأوروبي. ذلك الاستمرار أو (العودة) للوجود الديني في حياة الأفراد اليومية هو ما جعل قلة من الباحثين لا زالت تربط بين التحول للعلمانية والحداثة.
يرى هابرماس أنه على المواطن الأروربي العلماني ألا يرفض تماما تأثير الدين ،خاصة أن الهوية الغربية متجذرة في ثقافتها اليهودية_ المسيحية ،و لا يعارض حق التيارات ذات التصور الديني منها والعلمانية منها في الوجود جنب الى جنب في المجال العام . ولكن هابرماس يرى أن هناك اختلافا جوهريا بين الديني والعلماني فحيث أن العلماني لا يستطيع أن يحكم علي صلاحية الدين ولذلك يجب على ذو التصور الديني أن يقوموا ب "ترجمة" الدين أو "المقدس" إلى لغة يفهم العقل العلماني قبل دخولهم إلى المجال العلماني والمساهمة فيه. فذو التوجه الديني عليهم القبول بقيم العلم والفكر العلماني وان يتخلوا عن الاعتقاد في أفضلية ما هو " مقدس" لتحقيق قيم الميساواة والديمقراطية في مجتمع " ما بعد العلمانية".
فالسؤال هنا إن كان مصطلح " ما بعد العلمانية" يصف فقط المجتمعات الأوربية الحديثة العلمانية دون غيرها ألا يعيد هذا منطق القرن التاسع عشر الذي يرتب المجتمعات ترتيبا زمانيا واضعا كل المجتمعات التي لم تمر بالمراحل التاريخية التي مر بها المجتمع الأوربي في "غرفة الانتظار"، لنستعير هنا وصف الفيلسوف والمؤرخ ديبيش شاكرابرتي، التي خصصها لهم مفكر وعصر الحداثة أو كما قال كارل ماركس " أولا في أوروبا ثم في أماكن أخري"؟ إذا كانت الغاية من إعادة النظر في النظرية التقليدية للتحول للعلمانية هي الاعتراف بوجود الأخر غير العلماني ، والذي تم اقصائة من المجال العام في المجتمعات الحديثة التي تبت نظريات علم الاجتماع التي قامت علي فلسفات عصر التنوير، وحقه في التعبير عن رأيه جنبا إلي جنب مع رأي العلماني في المجال العام " السياسي" فهل علي كل المجتمعات بالضرورة أن تمر بمرحلة من العلمنة التي مرت بها أوربا للتحول بعدها لمجتمع ما بعد علماني والذي تتحقق فيه التعددية الديمقراطية واستيعاب أراء وتصورات كل التيارات الدينية وغير الدينية؟ هل لنا أن نأخذ المجتمع التونسي مثالا هنا حيث أنه ولأول مرة يتم التوافق السياسي بين العلمانيين والإسلاميين في حكومة سياسية لتؤكد الحق لكلا التيارين في التعبير عن وجودهم في المجتمع؟
وبعد المقدمة السابقة بدأت النقاشات، وكانت أهم الأفكار المتداولة على الشكل الآتي:
العرب لم يصلوا بعض إلى مرحلة العلمانية.
في عشرينيات القرن الماضي كان هناك وجود للعلمانية في الدول العربية أكثر منه اليوم.
العلمانية تعني احترام الأديان والأحزاب السياسية.
بعد أن وصل الغرب إلى نجاح العلمانية بدأت مرحلة التسامح وهي جوهر ما تقوم عليه العلمانية.
أوربا تجاوزت أيضاً الفكرة الوطنية عن طريق الفكرة الأوربية، ليس فقط التسامح بين الأديان والأحزاب ولكن أيضا الأفكار الوطنية.
ما بعد العلمانية تعني أيضا التسامح.
لا يمكن استيراد هذه الأفكار من مجتمع غربي إلى مجتمع عربي مختلف كليا اجتماعيا وتاريخيا، فلكل مجتمع بنيته.
التجربة العلمانية فشلت أمام الربيع العربي، مع أنها في إطارها التاريخي نجحت في مشاريع كبيرة.
فكرة أن الإلحاد يساوي العلمانية مفهوم خاطئ ومنتشر بشكل واسع في العالم العربي.
الحداثة دخلت إلى العالم العربي بقشورها كما أشار له المفكر علي الوردي.
المجتمع العربي في الخمسينيات من القرن الماضي كان مجتمعا منفتحا وليس علمانيا، ومعظم الدول العربية بأنظمتها الشمولية بدأت تستخدم الدين لمصالحها ولم تفصل الدين عن الدولة، بل حاربت التوجهات الدينية التي تضر بسلطتها ونفوذها.
في أوربا لم تصل العلمانية لتسود المجتمعات ونشهد ظهور الحركات الشعبوية.
علينا عدم الخلط بين الدولة العلمانية والمجتمع العلماني، والمجتمع الأوربي ما زال متدين ولكن الدول قائمة على العلمانية من حيث القوانين والحقوق.
تظهر الهويات الكامنة عندما يخاف المجتمع لاسيما من تهديد خارجي.
هل العلمانية مشروع سياسي؟
العلمانية هي أدوات وآليات ومبادئ لضمان حرية الديانات والتسامح فيما بينها.
وفي الختام تم اقتراح موضوع الحداثة كموضوع نقاش في الديوان القادم.
الدعوة: